عربي

قلعة بعلبك ... هياكل ضخمة


تقع بعلبك على مفترق عدد من طرق القوافل القديمة التي كانت تصل الساحل المتوسطي بالبر الشامي وشمال سوريا بفلسطين. وقد استفادت عبر تاريخها الطويل من هذا الموقع المميز لتصبح محطة تجاري هامة ومحجا دينيا مرموقا. نظرا لموقعها الجغرافي الاستراتيجي واهميتها الزراعية، اصبحت مستعمرة رومانية بأمر من يوليوس قيصر والموقع المختار لبناء اكبر الهياكل الرومانية كمعبد باخوس التي عكست ثروة وقوة الامبراطورية الرومانية. وقد استمرت عمليات البناء اكثر من مئتي عام واشرف عليها اباطرة رومانيون مختلفون. ومن اجل الوصول الى هذه الهياكل، لا بد ان يمر اولا بالاروقة الرومانية الضخمة وبساحتين تحيط تحيط بهما الاعمدة المهيبة

الرواق: هو مدخل الهيكل القديم الحقيقي، يعلو عن سطح الارض الخارجية ثمانية امتار وهو مستطيل الشكل طوله من الشمال الى الجنوب 50مترا وعرضه 11 مترا. له في طرفيه غرفتان مزدانتلن بنقوش كثيرة ومواقف للاصنامز وكان بين هاتين الغرفتين في مقدم الرواق صف مؤلف من إثني عشر عمودا من حجر الغرانيت وامامها درج كبير طوله 50 مترا

الجدار الداخلي من الرواق كان مزخرفا بنقوش جميلة وكان في هذا الجدار الداخلي ثلاثة ابواب اكبرها اوسطها وعلوه نحو عشرة امتار وعرضه سبعة وربع، وبني بجانب هذه الابواب ادراج لولبية يصعد منها الى سقف الرواق والبهو الذي كان يعبر اليه من هذه الابواب

البهو المسدس او الدار الاولى: هي دار مسدسة الشكل قطرها نحو 50 مترا ما عدا الابنية المحيطة بها. وبكل زاوية منها غرفة وبين كل غرفة والاخرى معبد مربع الشكل، وقد كانت ساحة البهو مكشوفة للشمس. ويقال ان كاهنة الهيكل كانت ترتدي في غرف البهو بملابسها الكهنوتية وتبتدئ بالاحتفالات بالرقص الديني في ساحة البهو

البهو الكبير او هيكل كل الالهة: هو بناء مربع الشكل يحيط به اثنا عشر معبدا، اربعة منها بشكل نصف دائرة في الجهة الشمالية والجنوبية وما بقي فمستطيلة، وجميعها مفتوحة الواجهة وامامها عمد من الغرانيت. وكل معبد منها يحتوي على صفين من الاصنام الواحد فوق الآخر وكان على جانبي كل صنم عمودان صفيران ويفصل المعابد عن بعضها حائط على واجهته صنمين علوي وسفلي

لم يبقى من هذه الاعمدة الجميلة سوى بضع قواعد باقية في مراكزها، وعمود صحيح في الجهة الشمالية الغربية وكثير من القطع ملقاة على الارض. وفي وسط هذا البهو مذبح المحرقات والى جانبيه حوضان للماء، وجدران الحوض من الحجر الاصم مقسمة بين مربعات مستطيلة واصناف دائرة مزينة برسوم تمثل رؤوس البقر، وبينها اكاليل الزهور

كانت الجهة الغربية من هذا البهو مفتوحة ولا بناء فيها لئلا تستر مبانيها منظر هيكل جوبيتر العظيم الذي كان في ما يلي هذا البهو. وكان امام الهيكل درج ذو ثلاث مساطب ويظهر ان "قسطنطين" الملك البيزنطي بدأ بهدم هيكل جوبيتر المذكور واكمل خرابه "ثيودوسيوس" فوضعت انقاضه واتربته في وسط البهو الكبير بين الحوضين المذكورين آنفا حتى تعالت فوق مذابح المحرقات وطمرت القسم الاسفل من الدرج العظيم

على هذا المرتفع بنى "ثيودوسيوس" كنيسة ضخمة لم تزل اثارها ماثلة في وسط البهو، ولما فتح العرب البلد حولوا ابنيتها العظيمة الى قلعة ومحوا آثار الديانة المسيحية من داخلها وبنوا في سوق الكنيسة الايمن حماما وفي صحنها وسوقها اليسرى بيوتا للسكن وفرشوا ارضها بالفسيفساء الملونة ووضعوا في فناء دورها الحياض المزخرفة

الهيكل الكبير او هيكل جوبيتر: هو الهيكل الذي كانت ولا تزل شاخصة الى عظمته وفخامته عيون جميع زائري بعلبك. وقد جعل الرومان امامه البهو والاروقة ثم رفعوه على دكة عظيمة تزيد عن ارتفاع البنية التي امامه واحاطوه بالاعمدة الهائلة وزينوه بالزخارف المجسمة، فتصاغرت امامه تلك الابنية مع انها يقال اعجوبة الزمان ومن ابدع ما ولدته فكرة الانسان

طول هذا الهيكل من الشرق الى الغرب 87.5 مترا وعرضه 47.5 مترا بما فيه اعمدته ما عدا السور الخارجي والدرج الذي كان امامه، وكان يحيط به اربعة وخمسون عمودا. وكان وراء العشرة اعمدة الامامية صف آخر من الاعمدة ينتهى منه الى فسحة كانت امام باب الهيكل. غير انه ولسوء الحظ جنى البيزنطيون على هذا الهيكل فخربوا جدرانه وقوضوا بنيانه ودكوا اسسه. ولم يترك منه سوى اعمدة في جهته الجنوبية

الهيكل الصغير او هيكل باخوس: لم تعلم الغاية التي حدت بالرومان لبنائه بجانب الهيكل الكبير في منخفض من الارض وعلى طراز يشبه بهندسته ونقوشه ذاك الهيكل، دون ان يكون امامه بهو ولا اروقة، وهذا الهيكل من اجود الاثار حفظا اذ يفوق في اتقانه وبديع نقوشه جميع الهياكل الباقية من عصر الرومان في العالم كله. وقد بنى بغاية الإحكام في التحام الاحجار ببعضها البعض. وكان يحيط بالهيكل 50 عمودا منها 15 على الجانبين ومن جملتها اعمدة الزوايا. وبين العمد وجدار الهيكل فسحة تبلغ الثلاثة امتار عرضا مسقوفة بالواح حجرية هائلة ومغشاة بنقوش لا تقع العين على اجمل منها واكثر اتقانا

حجر الحبلى
يربض "حجر الحبلى" على اطراف المدينة الغربية حيث تقع مقالع الهياكل الرومانية ويتسه احداها اتساعا كبيرا الى الجنوب الغربي والاخر هو الاصغر يقع في الشمال الغربي خلف هالة المدينة الخضراء. وحجر المقلع الاول قاس ومحبب لونه ابيض وباهت يميل بفعل الازمان والعوامل الطبيعية الى السمرة الممزوجة بالحمرة لوجود اوكسيد الحديد فيه، ويمتاز هذا المقلع بالتلاحم الموحد الطويل فلا شقوق فيه سوى "
التي سببها الانسان لذا نلاحظ ان طريقة البناء بالحجر الطويل الواحد "مونوليتزم من اعمدة وغيرها
وفي مدخل هذا المقلع يربض "حجر الحبلى" او القبلة، وقد اقتطع من جهات ثلاث ولم تزل قطعة واحدة من الجهة السفلى وتلقي في نفس الرائي الدهشة والرعب، ويبلغ طوله 21.5متر وعرضه 4.80 وعلوه 4.20 متر ويقدر حجمه ب422 متر مكعبا ويقدر وزن "حجر الحبلى" بالف طن تقريبا ولذا اعتبر انه اكبر حجر منحوت في العالم ويستدل من اتجاهه انه قد اعد ليلحق باخوته الثلاثة في هيكل جوبيتر بنفس الطريقة وعلى يد القوة عينها التي نقلتها. اما المقلع الثاني فيقع الى شمال الهياكل حيث ترتفع تلة تلوى اعلاها وتجعد سفحها وتعرف باسم الكيال وحجر هذا المقلع اشد صلابة واكثر نظافة واوفر نعومة من الاول ولم تؤخذ منه سوى مواد الزخرفة والزينة كتيجان الاعمدة والارائك والافاريز

قبة دورس: يرجح تاريخ هذا الضريح إلى العصر الأيوبي وكانت له قبة فوق ثمانية أعمدة من الغرانيت الأحمر، وتقع على يسار مدخل المدينة الجنوبي، في منطقة أصبحت اليوم عامرة بالبنايات، بعد أن كانت في ما مضى جبانة عظيمة تعود أصولها إلى العصر الروماني

مغر الطحين  اسم اطلقه السكان المحليون في بعلبك على أقدم المواقع الأثرية في المنطقة، وربما في لبنان وقد استعادت التسمية اسم نوع من الصخور الكلسية البيضاء التي تتكون منها الكهوف المعروفة بمغر الطحين. فهي عند تفتتها تشبه دقيق القمح الطحين. سكان بعلبك القدامى سمّوا الموقع مغر الطحين، وهو في وسط منطقة الشراونة شمال مدينة بعلبك. ومغر الطحين موقع أثري تاريخي مهم، إذ أنه الموقع الوحيد الذي يؤكد أن هذه البقعة من الأرض كانت مأهولة منذ آلاف السنين، فيما كان يعرف بالقرى الصوانية. وهي عشرات المغاور والكهوف المتداخلة فيما بينها بسراديب وأبواب لا تخلو من النمط الهندسي، على طريقة ما كان منذ ألوف السنين. فثمة كهوف في شكل مربع أو مستطيل، ويتميز بعض الكهوف بهندسته المستديرة. ونجد كذلك عدداً من الرسوم الهندسية في الأبواب كالنصف الدائري والمستطيل. ويدل هذا التداخل بحسب الخبراء على حياة اجتماعية بين السكان. ويرجح الخبراء أن الدولة في عصر الرومان استعملت مغر الطحين لسكن ألوف العمال الذين شيدوا المعابد الرومانية في قلعة بعلبك، ويرجح علماء الآثار أن تكون كهوف مغر الطحين متصلة بقلعة بعلبك بسراديب محفورة في الصخر ضمن أنفاق تمتد كيلومترين متجاوزة القلعة باتجاه تلة الشيخ عبد الله المشرفة على المعابد مباشرة.

يقع نبع "رأس العين" إلى الجنوب الشرقي من المدينة، وكان في ما مضى يؤمن بعض احتياجات المدينة من المياه. ما يزال محيطه يحتفظ ببعض البنى الأثرية، ومنها بقايا مزار روماني صغير وبعض المداميك التي كانت تشكل جزءاً من التجهيزات التي أقيمت لضبط مخارج المياه.

قبة السعيدين: على مسافة من البوابة الرومانية ضريح مقبب يتألف من حجرتين، بني عام 1409م. في زمن السلطان "الملك الناصر فرج" ليكون مدفناً لنواب السلطنة في بعلبك.
قبة الامجد: على تلة "الشيخ عبدالله" المشرفة على بعلبك من جهة الجنوب، قبة تتألف من مسجد صغير وزاوية، وفيها قبر الشيخ "عبدالله اليونيني" الذي تعرف التلة باسمه. أقيمت هذه القبة في أيام "الملك الأمجد بهرام شاه" حفيد "صلاح الدين الأيوبي" الذي ولّي بعلبك بين عامي 1182 و1230 للميلاد، وبنيت من حجارة هيكل "عطارد" القريب.